بعث إليَّ أحد الإخوان من أوربا يسأل هل يجب على الإنسـان أن يتمذهَب في دينه بمذهب مَّا أو بتَّبعَ ما ثبتَ في الحديث
فأجبته : بأن هذا موضوع متشعِّب وطويل كُتبت فيه مؤلفات , والذي نعتقده صَواباً ونَرجو أن يكون كذلك أن هذا يختلف باختلاف الناس , فالعامي الذي لا يقرأ ولا يكتب حَسْـبُه أن يسأل أعلم الناس في نظره ورأيه ويحتاط لذلك ويعمل بإرشاده وهذا العامي لا مذهب له في الحقيقة ولا يوصف عملُه بتقليد إذ لا ينطبق عليه تعريفُه, فمذهبُه مذهب مُفتيه , وأما من شدا شيئاً من العلم بحيث يستطيع أن يفهَم ويقرأ ويراجع فهذا له موقفان بالنظر لما ينـزل به فما كان فيه نص صحيح ثابت في القرآن أو السنة أو القياس الصحيح أو الإجماع وجب عليه اتباعُه , بل وهذا واجب كلّ مسلم إذا بَلَغَه وتأكد من صحته , والآيات والأحاديث الآمرة بطاعة الله ورسوله والرجوع إليهما عند التنازع دالة بأجلى بيان على ذلك,وما كان من الحوادث والنوازل لا نص فيه وإنما يحتاج إلى اجتهاد وإعمال نظر فهذا يُرجعُ فيه إلى المجتهدين من العلماء الذين توفرت فيهم شروطُ الاجتهاد , وهم موجدون , والأمر الآن هيِّن لا في الموقف الأول ولا الثاني وإنما يحتاج إلى همة صادقة ونية صالحة والله ولي التوفيق.