المصدر هنا
منهج التعامل مع أهل البدعة فى وقت الفتنة
د . وسيم فتح الله
إن العلم بأصول التعامل مع أهل الافتراق عن منهج صحابة رسول الله صلى الله
عليه وسلم ضرورةٌ يفرضها وجود هذه الفرق ويحتمها ما يترتب على أسماء الدين
وأحكامه من حقوق وواجبات شرعية يأثم المرء بتعطيلها فضلاً عما يصيبه من
ضنك العيش بالتفريط فيها، ولئن كان الحال كذلك في أوقات الأمن والاستقرار
فإنه في حال الفتنة والمحنة آكد، ويدرك هذه الأهمية من أدرك معنى قوله صلى
الله عليه وسلم:"بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل
مؤمناً ويمسي كافراً أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من
الدنيا"(صحيح مسلم) وإنما ذلك لعِظم الفتن، وتأمل أمراً لطيفاً في هذا
الحديث وهو شك الراوي في قوله (أو) وكأن معنى الحديث قد أذهله بالفعل لما
فيه من عظيم الخطر، فتأمل.
إن قضية التعامل مع أهل البدع تفرض نفسها اليوم في واقعٍ من الفتنة
التي يمكن تصويرها من خلال سياقين مؤلمين تعيشهما أمتنا الإسلامية؛ فأما
السياق الأول فهو استباحة بيضة بلاد الإسلام استباحةً علنيةً لا لَبس فيها
وضابط ذلك وجود الكافر الحربي في ديار الإسلام وجوداً علنياً سافراً، وأما
الثاني فهو استشعار بلدٍ أو مجتمعٍ مسلم تربُص الكافر الحربي به للانقضاض
عليه واستباحة أراضيه وأمواله ودمائه وأعراضه، والمصيبة المشتركة بين
السياقين في واقعنا المعاصر تتمثل في غياب الإمامة الشرعية الصحيحة عن
الساحة السياسية للأمة، تلك الإمامة التي يناط بها عادةً المرابطة على ثغر
الأمة العقدي من جهة وحماية كيان الأمة السياسي من جهة أخرى، مما يفرز
تساؤلات عديدة حول الأولويات والحاجات المفتقر إليها لتحقيق أمن العقيدة
ووحدة الصف السياسي للأمة حيث إن نفس هذا الكيان الحسي للمجتمع أو البلد
أصبح مهدداً بالخطر في هذين السياقين. وأعتقد أن خارطة الأمة الإسلامية من
الوضوح بمكان من جهة تحقق هذه السياقات على أرض الواقع بحيث إني سأعمم
القول قدر المستطاع ليُتمكن تنزيله على ما يستجد من وقائع مماثلة وحتى لا
نحصر تنزيل أصول وقواعد هذا المنهج في جزئيات ميدانية قابلة للتبدل فيقع
الوهم واللبس.
عدل سابقا من قبل محمود المصرى في الجمعة مايو 02, 2008 9:24 pm عدل 1 مرات